كورنيليوس كاستورياديس : الديمقراطية المباشرة و المركزية - من كراس مجالس العمال و اقتصاد المجتمع المسير ذاتيا

lundi 21 mars 2011
par  LieuxCommuns

Traduction d’une partie du texte « Sur le contenu du socialisme II » de 1957, disponible partiellement en français ici et en langue anglaise ici

Source : http://www.ahewar.org/debat/show.ar...

كورنيليوس كاستورياديس *

الديمقراطية المباشرة و المركزية

من كراس مجالس العمال و اقتصاد المجتمع المسير أو المدار ذاتيا

أن تقرر من سيتخذ القرار ليس نفس الشيء أن تقرر لنفسك . الشكل الوحيد الكامل للديمقراطية هو الديمقراطية المباشرة .

للوصول إلى أوسع ديمقراطية مباشرة و أكثرها معنى سيتطلب أن تكون كل البنى الاقتصادية و السياسية للمجتمع مؤسسة على أساس مجموعات محلية التي هي الوحدات الاجتماعية البسيطة ( العضوية ) الحقيقية . تتطلب الديمقراطية المباشرة بالتأكيد وجود المواطنين في مكان محدد , حيث يجب أن تتخذ كل القرارات . لكن هذا لا يكفي .

إنها تتطلب أيضا أن يشكل هؤلاء المواطنون مجتمعا طبيعيا ( بسيطا أو عضويا ) , أي أن يعيشوا إذا كان ذلك ممكنا في نفس البيئة , أن يصبحوا رفاقا ( أقرانا ) من خلال تجربتهم اليومية مع القضايا التي ستناقش و مع المشاكل التي يجب معالجتها . فقط في وحدات كهذه تصبح المشاركة السياسية للأفراد كاملة , أن الناس يمكنهم أن يعرفوا و يشعروا بأن مشاركتهم ذات معنى و أن الحياة الفعلية للمجتمع يجري تقريرها من قبل أعضائه و ليس من قبل أية إدارة خارجية , تتصرف « نيابة عن المجتمع » . لذلك يجب أن يكون هناك أقصى استقلال ذاتي و إدارة ذاتية للوحدات المحلية . لقد خلقت الحياة الاجتماعية المعاصرة هذه الجماعية بالفعل و ما زالت تستمر بخلقها . إنها وحدات تقوم على مؤسسات متوسطة الحجم أو أكبر و هي توجد بالفعل في الصناعة , النقل , البناء , التجارة , البنوك , الإدارة العامة , الخ , حيث يقضي المئات , الآلاف , عشرات الآلاف , من الناس الجزء الأكبر من حياتهم مرتبطين بالعمل العام , في وجه المجتمع في أكثر أشكاله صرامة . إن مكان العمل ليس فقط وحدة إنتاج : لقد أصبح الوحدة الأساسية للحياة الاجتماعية للغالبية العظمى من الناس . عوضا عن أن ينظموا أنفسهم في وحدات جغرافية , التي جعلها التطور الاقتصادي اصطناعية إلى حد كبير , فإن البنية السياسية للاشتراكية ستقوم إلى حد كبير على الجماعية المنخرطة في عمل متماثل . جماعية كهذه ستثبت أنها أرض خصبة يمكن للديمقراطية المباشرة أن تنمو فيها كما فعلت في المدينة القديمة ( لأسباب مشابهة ) أو في الجماعات الديمقراطية للمزارعين الأحرار في الولايات المتحدة في القرن 19 . تعطي الديمقراطية المباشرة فكرة اللا مركزية التي سيكون المجتمع الاشتراكي قادرا على تحقيقها . لكن مجتمع حر متطور صناعيا يجب عليه أن يجد أيضا وسائل الدمج الديمقراطي لهذه الوحدات الأساسية في النسيج الاجتماعي ككل . سيتعين عليه أن يحل المشكلة الصعبة للمركزية الضرورية , التي من دونها ستنهار حياة المجتمع المعاصر . إنها ليست تلك المركزية التي جعلت من المجتمعات المعاصرة أمثلة بارزة على الاستلاب السياسي أو التي قادت إلى تجريد الأكثرية للأقليات من حقوقها . جرى ذلك بتطور الأجهزة المنفصلة عن والتي هي « فوق » مجموع السكان , الأجهزة المهتمة أساسا و حصريا بوظيفة المركزية . طالما فهمت المركزية على أنها وظيفة خاصة بجهاز منفصل , مستقل , فإن البيروقراطية ستبقى ملازمة للمركزية . لكن في مجتمع اشتراكي لن يكون هناك نزاع بين المركزية و الاستقلال الذاتي للمنظمات المحلية , لأن كلا الوظيفتين سوف تمارس من نفس المؤسسات . لن يكون هناك جهازا منفصلا تكون وظيفته إعادة توحيد ما حطمه هو نفسه , هذه المهمة التافهة ( و هي حاجة نستعيدها ) التي هي بالتحديد وظيفة البيروقراطية المعاصرة ( 10 ) .

المركزية البيروقراطية هي علامة في كل المجتمعات الاستغلالية المعاصرة . الروابط الوثيقة بين المركزية و حكم البيروقراطية الشمولي , في هذه المجتمعات الطبقية , تثير اشمئزازا صحيا و مفهوما تجاه المركزية بين الكثير من الثوريين المعاصرين . لكن ردهم غالبا مشوش و في بعض الأحيان يقوي نفس الأشياء التي يسعى إلى تصحيحها . « المركزية , هنا أصل كل الشرور » هذا ما يعلنه الكثير من المناضلين المخلصين عندما يقطعون مع الستالينية أو اللينينية سواء في الشرق أو الغرب . لكن هذا التعبير , الغامض في أفضل الأحوال , يصبح ضارا بشكل إيجابي عندما يؤدي إلى ما يؤدي إليه عادة – إما إلى المطالبة الرسمية ب« تفتيت السلطة » أو للمطالبة بتوسيع غير محدود لسلطات المجموعات القاعدية , متجاهلة ما يجري على مستوى آخر .

عندما تصور المناضلون البولونيون مثلا أنهم قد وجدوا حلا لمشكلة البيروقراطية عندما دعوا إلى حياة اجتماعية تنظم و تدار من قبل « مراكز متعددة » ( إدارة الدولة , جمعية برلمانية , النقابات , مجالس العمال , و الأحزاب السياسية ) التي نادوا بها إلى جانب تلك النقطة . لم يتمكنوا من رؤية أن « تعدد المراكز » هذا يساوي غياب أي مركز حقيقي أو قابل للتمييز , مركز تجري السيطرة عليه من أسفل . و طالما أنه كان على المجتمع المعاصر أن يتخذ قرارات مركزية محددة فإن « الدستور » الذي يقترحونه سيوجد على الورق فقط . سيخدم فقط إخفاء إعادة ظهور « مركز » حقيقي لكنه مقنع في هذا الوقت ( و بالتالي غير خاضع للسيطرة ) , من بين صفوف البيروقراطية السياسية .

السبب واضح : إذا قام شخص ما بتفتيت مؤسسة ما يقوم بوظيفة هامة أو حيوية فإنه فقط يخلق حاجة قوية لمؤسسة أخرى ما لتجمع تلك الأجزاء . بشكل مشابه إذا دافع شخص ما عن توسيع سلطات المجالس المحلية , فإنه بالتالي يضعها تحت سيطرة بيروقراطية مركزية التي وحدها هي التي « تعرف » أو « تفهم » كيف سيعمل الاقتصاد ككل ( و الاقتصاديات المعاصرة , سواء أحببنا أم لا , تعمل ككل ) . بالنسبة للثوريين التحرريين فإن التملص من هذه المشاكل و رفض التعامل مع قضية السلطة المركزية يساوي ترك حل هذه المشاكل لبيروقراطية ما أو أخرى .

لذلك سيتعين على المجتمع التحرري أن يوفر حلا تحرريا لمشكلة المركزية . يمكن أن يكون هذا الحل اقتراح سلطة محددة بحذر و ضيقة الحدود لفيدرالية مجالس العمال و خلق جمعية مركزية للمجالس و لإدارة المجلس . سنرى فيما بعد أن جمعية كهذه و إدارة كهذه لن تشكل تفويضا أو توكيلا عن السلطة الشعبية بل على العكس أداة لهذه السلطة . في هذه المرحلة نريد فقط أن نناقش المبادئ التي قد تحكم العلاقة بين مؤسسات كهذه مع المجالس المحلية و بقية المجموعات القاعدية . هذه المبادئ مهمة لأنها ستؤثر على طريقة عمل كل مؤسسات المجتمع التحرري تقريبا .

نقلا عن www.marxits.org/archive/castoriadis...

* تعرف القارئ العربي على كورنيليوس كاستورياديس ( 1922 – 1997 ) من خلال ترجمة د . ماهر الشريف لكتابه تأسيس المجتمع تخيليا الذي صدر عن دار المدى عام 2003 و الذي كتبه كاستورياديس في عام 1975 . لكن المرحلة الغنية و المتميزة من حياته و إنتاجه الفكري و السياسي , و التي ننقل منها هذا النص , كانت بين الخمسينيات و السبعينيات , عندما كان كاستورياديس من أبرز أعضاء هيئة تحرير مجلة اشتراكية أو بربرية ( و المنظمة التي تحمل نفس الاسم ) . أي ما بين انشقاقه عن التروتسكية و بين انتقاده للماركسية نفسها , عندها كان كاستورياديس من أبرز منظري و مفكري الاشتراكية التحررية في تلك الفترة التي شهدت ركودا مريعا ( أو بداية الركود ) في اليسار الذي سيطرت عليه تماما القراءة و الممارسة السلطوية الفجة ( و قد لعبت الأفكار التحررية لمجلة اشتراكية أو بربرية دورا هاما في ثورة 1968 و تأثيرا هاما على المفكرين و التيارات التحررية اللاحقة , يكفي أن نذكر من بينهم غي ديبورد أبرز منظري الأممية الموقفية , التي طورت في وقت لاحق النقد التحرري لكل من الرأسمالية الغربية و رأسمالية الدولة البيروقراطية في أوروبا الشرقية , و الذي كان لبعض الوقت عضوا في تحرير المجلة ) . و حتى بعد انتقاده للماركسية نفسها بقي كاستورياديس فيلسوف التسيير الذاتي Autonomy , و استخدم في محاولة تأسيس مجتمع مسير ذاتيا يتألف من أشخاص يديرون حياتهم بأنفسهم , استخدم كل ما برع فيه من معرفة اقتصادية و معرفة بالتحليل النفسي , كما في كتابه المذكور سابقا المترجم إلى العربية . كتب كاستورياديس هذا النص عام 1972 كجزء من تصور شامل لمجتمع اشتراكي يقوم على التسيير أو الإدارة الذاتية لجماهير المنتجين عبر شبكة من مجالس العمال .


Commentaires

Navigation

Articles de la rubrique

Soutenir par un don